شركة إنفيديا تحل محل إنتل في مؤشر داو جونز الصناعي
في تحول كبير يعكس الديناميكيات المتطورة لصناعة أشباه الموصلات، من المقرر أن تحل شركة إنتل محل شركة إنفيديا في مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)، مما ينهي وجود إنتل الذي استمر لمدة 25 عامًا على المؤشر الرئيسي. يشير هذا التغيير، الذي أعلنت عنه مؤشرات S&P Dow Jones يوم الجمعة، إلى تأثير صعود Nvidia في سوق الذكاء الاصطناعي المزدهر والتحديات التي تواجهها Intel في ظل كفاحها للتكيف مع متطلبات الصناعة الجديدة. وإلى جانب شركة Nvidia، ستنضم شركة Sherwin-Williams المصنعة للطلاء إلى مؤشر داو جونز الصناعي لتحل محل شركة Dow Inc.
يمثل إخراج إنتل من مؤشر داو جونز الصناعي انتكاسة لشركة صناعة الرقائق التي كانت مهيمنة في السابق، والتي شهدت انخفاضًا كبيرًا في قيمة أسهمها هذا العام، حيث انخفضت بنسبة 54% منذ بداية العام حتى تاريخه. وقد جعل هذا الانخفاض من شركة Intel الشركة الأسوأ أداءً في مؤشر داو جونز الصناعي DJIA، حيث كان سعر السهم هو الأدنى على المؤشر المرجح للسعر. وفي أعقاب الإعلان، انخفضت أسهم إنتل بنسبة 1.6% في التداولات الممتدة، بينما ارتفع سهم إنفيديا بنسبة 2.2%، مما يعكس تفاؤل المستثمرين بشأن مستقبل إنفيديا مع انضمامها إلى مؤشر داو جونز.
ويُعزى تراجع إنتل إلى سلسلة من العثرات الاستراتيجية التي سمحت للمنافسين، لا سيما شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، بالتفوق عليها في سوق أشباه الموصلات العالمية. فقد خسرت إنتل، التي كانت رائدة في تصنيع الرقائق، تفوقها التكنولوجي على شركة TSMC، التي احتلت مكانة رائدة في إنتاج الرقائق المتقدمة. كما فوتت إنتل أيضاً فرصة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي في وقت مبكر، حيث تخلت عن حصة محتملة في شركة OpenAI المالكة لشركة ChatGPT، وهو قرار أثبت منذ ذلك الحين أنه مكلف مع ارتفاع الطلب على الذكاء الاصطناعي.
أما بالنسبة لشركة إنفيديا، فالقصة مختلفة تمامًا. فقد برزت الشركة كشركة رائدة في سوق رقاقات الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت وحدات معالجة الرسومات (GPU) الخاصة بها الآن معروفة على نطاق واسع بأنها ضرورية لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات التعلم الآلي. وقد نجحت Nvidia، التي كانت معروفة في المقام الأول بدورها في إنتاج وحدات معالجة الرسومات عالية الأداء للألعاب، في توسيع نفوذها بنجاح لتصبح لاعباً رئيسياً في دعم صناعة الذكاء الاصطناعي العالمية. وقد أدى هذا التوسع إلى زيادة أسهم Nvidia بمقدار سبعة أضعاف على مدار العامين الماضيين، مما أدى إلى ارتفاع تقييمها إلى 3.32 تريليون دولار. واعتبارًا من عام 2024، أصبحت Nvidia ثاني أكثر الشركات قيمة في العالم، مما يؤكد أهميتها في قطاع التكنولوجيا.
بالإضافة إلى النجاح الذي حققته Nvidia المدفوع بالذكاء الاصطناعي، فإن تجزئة أسهم الشركة الأخيرة بنسبة 10 مقابل 1 في يونيو جعلت أسهمها في متناول المستثمرين الأفراد. لم تؤد هذه الخطوة إلى توسيع قاعدة المساهمين في Nvidia فحسب، بل ساعدت أيضًا في تمهيد الطريق لإدراجها في مؤشر داو جونز الصناعي DJIA، الذي يفضل عادةً الشركات ذات السعر الأعلى للسهم الواحد. وبالتالي، فإن دخول Nvidia إلى مؤشر DJIA هو اعتراف بإنجازاتها التكنولوجية وشهادة على جاذبيتها الواسعة النطاق بين المستثمرين، لا سيما أولئك الذين يتطلعون إلى الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي.
قد يكون لإزالة إنتل من مؤشر داو جونز الصناعي تداعيات أوسع نطاقًا على أسهم الشركة. فاستبعادها من مؤشر DJIA يعني أن إنتل لن تكون جزءًا من الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) التي تتبع المؤشر، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضغط الهبوطي على سعر سهمها. كما أن فقدان مكانها في مؤشر داو جونز الصناعي يمثل أيضًا انتكاسة لسمعة إنتل، حيث تعمل الشركة على استعادة ثقة المستثمرين وسط عملية إعادة هيكلة صعبة.
وقالت سوزانا ستريتر، رئيسة قسم الأموال والأسواق في شركة Hargreaves Lansdown: "إن فقدان مكانة إدراجها في مؤشر داو جونز سيكون بمثابة ضربة أخرى لسمعة إنتل، حيث إنها تكافح من أجل التحول المؤلم وفقدان الثقة". وأشارت أيضًا إلى أن استبعاد شركة Intel من صناديق المؤشرات المتداولة التي تتبع المؤشر قد يؤثر على أداء أسهمها، حيث سيقل عدد المستثمرين الذين سيتعرضون الآن لشركة Intel من خلال هذه الصناديق.
لعبت شركة Intel، التي كانت رمزًا من رموز وادي السيليكون، دورًا رائدًا في صناعة الرقائق، بدءًا من رقائق الذاكرة قبل أن تتحول إلى المعالجات التي دعمت ثورة الحواسيب الشخصية. في تسعينيات القرن الماضي، حولت حملة Intel "Intel Inside" رقائقها إلى منتجات متميزة وجعلت من علامتها التجارية اسمًا مألوفًا. ومع ذلك، كانت معاناة إنتل على مدار العقد الماضي واضحة في أدائها المالي. فقد بلغت إيرادات الشركة في عام 2023 54 مليار دولار، أي أقل بمقدار الثلث تقريبًا مما كانت عليه في عام 2021 عندما تولى بات غيلسنجر منصب الرئيس التنفيذي. وعلى الرغم من بعض التوقعات الإيجابية الأخيرة لأعمالها في مجال الحواسيب الشخصية والخوادم، فمن المتوقع أن تُعلن إنتل عن أول خسارة سنوية صافية لها هذا العام منذ عام 1986. القيمة السوقية لشركة Intel، التي تقل الآن عن 100 مليار دولار لأول مرة منذ ثلاثة عقود، تتضاءل مقارنةً بتقييم Nvidia الهائل.
وبينما تتقدم Nvidia لتحل محل Intel في الدور الذي كانت تلعبه Intel في مؤشر DJIA، من المتوقع أن يزداد تأثيرها في صناعة أشباه الموصلات. هيمنة Nvidia على سوق رقاقات الذكاء الاصطناعي جعلتها في طليعة هذا القطاع، حيث يُنظر إلى رقائقها في كثير من الأحيان على أنها لا يمكن الاستغناء عنها في تطبيقات الحوسبة عالية الأداء والذكاء الاصطناعي. إن الميزة التكنولوجية التي تتمتع بها إنفيديا، إلى جانب التكلفة العالية لاستبدال رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، تجعل من الصعب على المنافسين المنافسة في هذا المجال. يعتبر العديد من الخبراء أن سهم Nvidia مقياسًا لسوق الذكاء الاصطناعي الأوسع نطاقًا، مما يعكس مشاعر المستثمرين حول آفاق نمو القطاع على المدى الطويل.
24.11.2024